«بالخُرطوم و الملعقة» نهزم الصهاينة.
«بالخُرطوم و الملعقة» نهزم الصهاينة.
أحمد راغب

بقلم: أحمد راغب

يقول المثل: "العِرقُ دَسَّاس". وعِرقُ «عمرو بن العاص» و «معاوية بن أبي سفيان» و «المغيرة بن شعبة» يندسُّ فينا.

إنهم دُهاةِ العربِ وعقلائهم، وأذكياء أجلَّهم التاريخُ في كل صفحاتهِ حتى سُميَّ واحدٌ منهم بـ "أرطبون العرب" وهو «عمرو بن العاص» رضيَ اللهُ عنه.

في أحد الأيام الخوالي- ولست أقصد أخلاء السوء- بينما كان عمرو بن العاص في الطريق إلى المدينة بمفردهِ اعترضَهُ جماعةٌ من قُطَّاع الطُّرق، وأمسك زعيمهم بتلابيبه.

لم يكن قُطَّاع الطرق يعرفون هوية الرجل الأسير، بل كانوا يَهمُّونَ بسلبه وقتله كائنًا مَنْ يكن، لكن عمرو استوقفهم قائلًا: “توقفوا. إن قتلتموني بالسيف متنا جميعًا”.

استغرّب قطاع الطرق، وسألوه: "لماذا؟" أجابهم عمرو: “إن بي داء، فإن انتشرَ دمي، يموت كل من حولي”. توقفوا متبادلين نظرات حائرة، فأردف قائلًا: “وما أتى بي وحدي إلى هنا إلا أني أردت الذهاب لمكان لا يكون فيه أحد، فأموت وحيدًا وأوقف المرض اللعين عن العرب”.

ثم سأل: “من أمسكني منكم بيده؟” فأشاروا إلى زعيمهم وقالوا: “هو زعيمنا”.

فقال عمرو: “لا أبرح مكاني حتى يذهب معي، فقد مسه الداء”.

هنا، توجس قطاع الطرق خيفة من زعيمهم الذي اقتنعوا أن عدوى المرض لا بد قد أصابته، وكانوا يعرفون قسوته وبطشه، ففروا منه هاربين، تاركين إياه وحيدًا مع الأسير.

هنا، قال عمر بن العاص لزعيم قطاع الطرق: “الآن سأريك ما الداء، ألا وهو الذكاء. إني أخاف أن تصبح أذكى مني وأنت قاطع طريق، فلا يستطيع الناس الخروج آمنين من ديارهم”، ثم هجم عليه وقتله. وبذا يتخلصُ «ابن العاص» من الأسرِ بحيلةِ عقله ودهاء منطقه، وقوة عزيمته.

وذكر القصةِ كأن بي متخيلًا أولئك الصهاينة الهمج هم قطاعُ طريق الإنسانية!.. متغطرسين، المختالين بقوتهم، وأنّ عمرو بن العاص تجسدت روحه في ٦ من الأبطال الرجال، رفضوا الأسر، رفضوا سياسة الأمر الواقع المخزي، رفضوا الإحباط، حتى أنهم صاروا بفعلهم فوق المنطق، مخترعين منطقًا جديدًا- أقصد ما بعد الحداثة- اسمه «منطق الفلسطنيين».. إذ إنهم مُتشرّبون من دهاء ابن العاص؛ حتى جعلوا من هالة القوة الأمنية والعسكرية لجيش الاحتلال الصهيوني مسخةً ونكتة!.. نكتةً بائتة، فلقد فعلناها معهم كثيرًا، كأنا صفعناهم صفعةً تتشابهُ روح الصافعين لهم، إنها روح النضال العربي.

إذ جعلنا الصهاينةَ يصفون أنفسهم بـ "الفشلة"، وإنها والله فضيلةٌ من أهل خِسّة!. وما أشبه الليلةَ بالبارحة.في تلك الليلة تم إطلاق الإنذار أيضًا. بعد عام ١٩٦٧م، بُنيَ خطُّ «بارليف» من قِبَل الصهاينة الأوغاد- ولا أقصد دائمًا اليهود- في كل العالم!. سلسلة من التحصينات الدفاعية التي كانت على طول الساحل الشرقي لقناة السويس. كان الهدف الأساس منه تأمين الضفة الشرقية-عند العدو- لقناة السويس، ومنع عُبور أي قوات مصرية لها.

وفي السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣م(٦-١٠-١٩٧٣)، الموافق العاشر من شهر رمضان الكريم، سقطَ ذلك الـ«بـارليف» الذي زعموا عدم مقدرة القنبلة الذرية عليه.. سقط الأخ -خط- بارليف بخُرطومِ مياه، أهم ما يميز ذلك الخرطوم (أنه مصريّ) عُتِّقَ في أرض الكنانة.. أجل خرطوم أسقطَ خط "بارليف" حيث قد كان رمز قوة الصهاينة. سقط «جلبوع» -وهو رمز لقوتهم- بالملعقة!، إنها ليست نكتة بالفعل.. لقد تحرر ستةً من الأبطال بفضل طاقة إلهية وضعها الله في "معلقةً صَدِئَة".

في منشأةٍ أمنية مُشددة، تُعرفُ باسم «الخزنة».. إنه سجنُ جلبوع .. كان ستة عباقرة قد حفروا نفقًا تحت سجن لم يمر عليه ٢٠ سنة على بناءه، ويتمتع بأحدث الأنظمة الأمنية في العالم، الحقيقة أنني رأيتُ النفقَ المحفور ليسَ نفقًا في أعماق الأرض، بل إنه نفقا حفر في كبرياء الصهاينة فكشف عن حقيقتهم الهشة الضعيفة. "وعبر الأبطال إلى الحُرية".

مُسقطين هالة الكذبة الأمنية الإسرائيلية. في الساعة الـ (4:00)، وجدوا ستة نُزلاء في عداد المفقودين- على حد قولهم لا قولي- وأقول أنهم في عداد المُحررين.

في هذا الوقت الذي ذُهِلَ فيه الصهاينة من الواقعة بدَوا هرعين مفزوعين، مشتتون للبحث عن الأحرار، إلى أن طلبوا معاونة أمريكا فعاونتهم، كان هروعهم يذكرني بغفلتهم في حرب "يوم الغفران"، وفي يوم الغفران كان طيران الجيش المصري العظيم تمطرهم بالقذائف ومن الأسفل يُخَرَمون بالخُرطوم، واليومَ قد خرمناهم بالملعقة الصَّدئة التي صيرها ستة أبطال حادةً كمخلب القسورة.

الحُفرة أدت إلى مساحةً فارغة تحت السجنِ .. في النهاية فتحةٌ قُربَ «جلبوع» في أرضٍ ترابية، فتحة بحجم فتحاتٍ فعلها العرب مع الصهاينة على مر التاريخ. وكما قالت دولة الكيان في أكتوبر ٧٣: "هناك مَنْ ساعد المصريين على تدمير «بارليف»"، فإنهم في تلك الليلة وبدون تأنٍ أو تروي زعموا بوجود من عاون المعتقلين الستة من الخارج، وأن المعتقلين قد اتصلوا بأشخاص خارج السجن باستخدام هاتف محمول مُهرَّب، وأنهم-المعاونين- تم القبض عليهم في سيارة.

وكانت تقولي لي أمي "من يربي قردًا يعرف ألاعيبه" فكذلك ندري ألاعيب الصهاينة ومنها نمطق هذا الزعم بأنه لم يحدث أساسًا، لكنها كذبات لحفظ ماء وجوههم. في اعتقادي الشخصي، أنّ الستة أبطال الذين تحرَّروا من فكرة القيد الوهمي، هم عبارة عن ٦ خوازيق دُقَّتْ في نعش الإحتلال الخسيس.

زكريا الزبيدي، ذات يوم ترك مسرح الرصاص منطلقًا إلى مسرح الفن؛ ليجعل منه منبرًا للرفض.. رفض الإحتلال وممارساته الإرهابية المتوحشة.. ونبذًا للعنف، حيثُ قد مُنحَ العفو سالفًا، فألغوا العفو عنه بمجرد إتجاهه للمسرح، وكأنهم "يجرُّون شكله".

أولئك الصهاينة الأوغاد يريدون الحرب دائمًا.. إنهم متعطشون للدماء.. لا أدري لماذا؟!!! (قالها أحد الحاخامات اليهود) بحسب وسائل إعلامية صهيونية فإنها تصف الزبيدي و الخمسة الآخرين؛ أنهم مسجونين بعد إدانتهم بالتخطيط أو تنفيذ هجمات أسفرت عن مقتل إسرائيليين.

أما عندنا فهم أبطالٌ أُسِروا؛ بسبب نضالهم الشديد من الإحتلال. هكذا الصهاينة، لا يُسمون الأشياء بمسمياتها الصحيحة أبدًا، فالنضال إرهابًا، والرفض تمرّد وإثارة، والإنتفاضة فوضى، والصهيونية دولة!. جيشٌ بالكامل، وقواته الأمنية تبحث فقط عن ستة أشخاص... إنه حقًا رُعبّ السقوط «سقوط الكرامة»!، وإني لا أظنُّ كرامةً لأحد الصهاينة، وإلا فلو كان يملكون كرامة لما اغتصبوا حقًا ليس من حقهم.

سجن «جلبوع»، زنزانة رقم «٥»، الساعة « 1:30» صباحًا، وعلى بُعد «٥٠» قدمًا تظهر بؤرة الحرية للأبطال.. لم يكتشفوا الأمر إلا بعد ساعة ونصف من فكاك الأسرى عن السجن. على طريقة هوليود تركوا بقية السجناء وجنود الإحتلال ينظرون من خلال حُفرةٍ في أرضية زنزانة!، ويحتفل الفلسطينيون في الشوارع.. والإخوة في النضال يوزعون الحلوَى.. إنَّهُ الإنتصار الذي حطَّم صورةَ المُحتَل. ولا أغفل دور السينما في توثيق الأحداث العظام.

السينما ملهمة، والواقع الملهم الأكبر، فلا ينسى متابعي السينما العالمية محاولة الهروب في فيلم «The Shawshank Redemption».. إنها الحرية .. الحاجة التي يتولَّدُ منها الإختراع.

إنَّ إخوتي - الستةَ الأحرار - علمونا أنّ كل شيء ممكن بإرادة قوية وصبر، وأنَّ هزيمة العدو أقرب من أي وقتٍ مضى.

هناك من بين ما يقرب من 5000 فلسطيني مُعتَقل في السجون الصهيونية، وساعة بعد ساعة يحاول المجهولون حفر نفق من أجل النور.

ليست المرة الأولى التي نحفر في كبرياء الصهاينة نفقا، سبق وأن ثقبناه في عقولهم ومعنوياتهم مرةً بـ "رأفت الهجان"، ومرة "جمعة الشوان"، وطبعًا التارتين الأروع (الملعقة والخرطوم). إنها جينات «عمرو بن العاص» داهية العرب.. إنها نبوءة محمد بن عبدالله إن صحَّت "الخير في وأمتي إلى يوم القيامة".

وكما تخلّصَ ابن العاص من قُطَّاع الطريق، سنتخلص نحنُ من قطاع سُبُل الإنسانية والحرية، أعداء السلام، هؤلاء الهمج الإرهابيين.. سنتخلص من وباء الصهيونية.. والحقُّ عائدٌ لأصحابه لا محالة!.


التعليقات

أخبار شبيهة

بحث

مساحة اعلانية

آخر الصور

أخبار متميزة

حجز الاستشكال المقدم من محامى سما المصرى،

سيراميكا يختتم تدريباته ويستعد لمواجهة الدراويش

تعرف عليها البوابة الحكومية للمناطق الاستثمارية الصناعية فى 10 معلومات

الهيئة الوطنية تعقد مؤتمرا لإعلان فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ غدا

دخلت أسد وطلعت أسد.. أول تصريح من مرتضى منصور عقب خروجه من محبسه

نجمات رفعن إسم السينما المصرية والعربية فى المحافيل الدولية

أهلي جدة السعودي يستهدف ضم رياض محرز

استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في مكتبه بقصر اليمامة قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر

الحكومة تنفى 13 شائعة انتشرت فى أسبوع.. فيديو وإنفوجراف

المعاينة تؤكد اشتعال النار بـ 14 محل قطع غيار سيارات في التوفيقية دون إصابات

مساحة اعلانية