حين يفقد الأطفال شعورهم بالأمان داخل المدرسة، المكان الذي يُفترض أن يكون ملاذهم الأول للتعلم واللعب، تصبح قلوب الأهالي مثقلة بالخوف والصدمة، وهذا ما حدث داخل جدران مدرسة يُفترض أن تكون مكانًا للحماية والرعاية، نتيجة تعرض 5 أطفال أبرياء في مرحلة رياض الأطفال لاعتداء جنسي على يد من يفترض أنهم من رجال الرعاية.
النيابة تكشف تفاصيل التحقيقات في واقعة مدرسة سيدز الدولية
تلقت النيابة العامة، بلاغًا بتعرض خمسة من الأطفال المقيدين بمرحلة رياض الأطفال بإحدى المدارس التابعة لدائرة قسم ثان السلام لوقائع خطف مقترن بهتك عرض من قبل 4 متهمين من العاملين بها داخل أروقتها، وحيث باشرت النيابة العامة التحقيقات بمعرفة فريق من أعضاء نيابة شرق القاهرة الكلية واستهلتها بالاستماع لأقوال المجني عليهم الأطفال الخمسة وذويهم – بعد أن اكتسبت ثقتهم ولمست إصرارهم على المضي قدماً في الإجراءات وأخذت في الاعتبار سرية بياناتهم وحجبها عن التداول عملاً بأحكام القانون التي تعاقب على إفشاء مثل تلك البيانات – وقد اتفقت على تعرض المجني عليهم لوقائع هتك عرض بعد استدراجهم من قبل المتهمين لمكان بالمدرسة لا تكشفه آلات المراقبة وبمنأى عن الإشراف؛ وفصلوا ذلك باستغلال بعض العاملين بالمدرسة لصغر سن المجني عليهم بداعي اللهو ثم هتك عرضهم فتهديدهم بالإيذاء باستخدام سكين مما بث الرعب في أنفسهم وحال دون إبلاغ ذويهم بالواقعة.
الأطفال تتعرف على المتهمين
أجرت النيابة العامة عرضاً قانونياً للمتهمين تعرف المجني عليهم خلاله على ثلاثة منهم ووثقت ذلك بمقاطع مصورة، وأخطرت خط نجدة الطفل وتم ندب أحد المختصين والتي أودعت تقريرها الذي أكد تعرض الأطفال للتعدي الجنسي المشار إليه.
كما أن اعترافاً تفصيلياً من اثنين من المتهمين العاملين بالمدرسة تطابق في مجرياته مع ما أدلى به الأطفال وذويهم بالتحقيقات إذ أقرا بأنهما والآخرين منذ ما يربو على العام – نظراً لهوسهم بالجنس مع الأطفال – دأبوا على استدراج أطفال "تلاميذ بمرحلة رياض الأطفال" من بينهم المعنيون بالبلاغ بعيداً عن الإشراف وآلات المراقبة وهتكوا عرضهم مستغلين صغر سنهم وبراءتهم وخوفهم من التهديد بالإيذاء.
النيابة تعاين مسرح الواقعة
كما أجرى فريق من أعضاء النيابة العامة معاينةً لمسرح الواقعة – موثقة بمقاطع مصورة - بإرشاد الأطفال المجني عليهم - ضبطت خلالها السكين المستخدم في التهديد بالإيذاء وبعض الآثار المادية التي يشتبه أن تكون قد تخلفت عن بعضٍ من الوقائع محل التحقيق، فضلاً عن إرشاد أحد المتهمين المعترفين عن كيفية ارتكاب الواقعة ومكانها ووثقت ذلك بمقطع مصور.
وأمرت النيابة العامة بضبط الهواتف النقالة الخاصة بالمتهمين وحصلت أدلة رقمية تمثلت في محتويات هاتفين نقالين خاصين باثنين من المتهمين التي انطوت على ما يؤكد شغفهم بمثل تلك الانحرافات الجنسية، كما استمعت لأقوال طاقم العمل بالمدرسة للوقوف على الاختصاصات الوظيفية ومنظومة العمل والإشراف على الأطفال بها.
حبس المتهمين في واقعة مدرسة سيدز الدولية احتياطيًا
في هذا الصدد تنوه أنها قد أفردت تحقيقاً مستقلاً عن وقائع تعريض أطفال للخطر جارٍ استكمال إجراءاته، وأمرت النيابة العامة بحبس المتهمين احتياطياً على ذمة التحقيقات، كما أمرت بإرسال الآثار المادية المضبوطة من مسرح الواقعة والمتهمين والمجني عليهم لمصلحة الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي الشرعي عليهم جميعاً وإعداد تقرير فني بمؤدى ذلك.
وأيضًا أمرت بإرسال الهواتف النقالة الخاصة بالمتهمين وأجهزة التسجيل لآلات المراقبة وإرسالها إلى إدارة المساعدات الفنية للفحص الفني واسترجاع ما تم حذفه من بيانات وإعداد تقرير فني بمؤدى ذلك الفحص وما عسى أن يكون له صلة بالواقعة.
المجلس القومي للطفولة يقر حزمة قرارات صارمة عقب اعتداءات سيدز الدولية بالسلام
في السياق ذاته، عقد المجلس القومي للطفولة والأمومة اجتماعًا برئاسة الدكتورة سحر السنباطي، وبحضور الدكتورة هيام نظيف نائبة رئيس المجلس، وجميع عضواته وأعضائه، والأمين العام، وذلك لبحث اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الأطفال على خلفية واقعة الاعتداء على عدد من الأطفال في مدرسة سيدز الدولية بالسلام.
وأوضحت الدكتورة سحر السنباطي أن حماية الأطفال تأتي على رأس أولويات عمل المجلس، مشددة على أن المجلس لن يتهاون في اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان سلامة وأمن كل طفل داخل جمهورية مصر العربية، كما استعرضت الإجراءات العاجلة التي تم اتخاذها بشأن الواقعة محل البحث؛ حيث استقبلت الإدارة العامة لنجدة الطفل عددًا من البلاغات على خط نجدة الطفل 16000 من أسر الأطفال، وأبلغ المجلس مكتب حماية الطفل والأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين بمكتب النائب العام للتحقيق في الواقعة.
وأشارت إلى أن وحدة الدعم القانوني بالمجلس تتولى متابعة سير التحقيقات وتقديم كافة أوجه المساندة القانونية لضمان حقوق الأطفال وحمايتهم، فضلًا عن إعداد خطة متكاملة لتقديم الدعم النفسي للأطفال، وانتهى الاجتماع إلى القرارات الآتية:
- القومي للطفولة يحيل واقعة تعرض طفلة للتنمر بمدرسة بالدقهلية إلى النائب العام.
- المجلس القومي للطفولة يقر حزمة قرارات صارمة عقب اعتداءات سيدز الدولية بالسلام.
- إعداد مشروع تعديل تشريعي لعرضه على البرلمان المصري، يعزّز الردع ويضمن تطبيق أقصى العقوبات على كل من ارتكب أو تسبب أو أهمل بما يؤدي إلى إيذاء أي طفل من أطفال مصر.
- التنسيق مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني لاتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية الأطفال داخل المؤسسات التعليمية.
- استكمال حملات التوعية المجتمعية ورفع وعي الأسرة المصرية حول حماية الأبناء، بالتعاون مع كافة الوزارات والجهات الحكومية ذات الصلة، واتخاذ إجراءات عاجلة للتوعية المجتمعية والكشف المبكر عن تعرض الأطفال لأي أذى، وتوفير بيئة آمنة لهم.
- تطوير وحدة الدعم النفسي بالمجلس لتصبح "وحدة الطفل الآمن"، بما يعزز قدراتها في تقديم الدعم المتخصص للأطفال.
- سرعة الانتهاء من إعداد الدليل المعياري لحماية الأطفال وتدريب كافة المتعاملين مع الطفل، لضمان تحقيق أعلى مستوى من الأمان داخل المؤسسات، ووضع سياسات حماية واضحة ومفعّلة داخل جميع المنشآت التي تتعامل مع الأطفال، بالتعاون مع الجهات المعنية.
- وضع معايير واضحة وصارمة لاختيار العاملين والمتعاملين مع الأطفال داخل المنشآت والمؤسسات العامة والخاصة، بالتنسيق مع الجهات المختصة.
- تكليف اللجان الدائمة المتخصصة بالمجلس بإعداد مصفوفة للتدخلات، كلٌّ فيما يخصه.
وأكد المجلس القومي للطفولة والأمومة التزامه الكامل بأداء دوره الوطني في حماية أطفال مصر، باعتباره الجهة الوطنية المعنية بحماية كل طفل على أرض الوطن، والعمل دون تهاون على منع أي شكل من أشكال العنف أو الإساءة أو الإهمال.
وجدد المجلس مناشدته للأهالي والأسر عدم التستر أو السكوت عن أي واقعة قد تمس سلامة الأطفال أو حقوقهم، مشددةً على أن حماية الأطفال مسؤولية مشتركة، وأن سرعة الإبلاغ تسهم في التدخل الفوري ومنع تفاقم الأذى.
ودعا جموع المواطنين إلى التواصل مع خط نجدة الطفل (16000) على مدار 24 ساعة، أو من خلال تطبيق واتس آب على الرقم (01102121600)، للإبلاغ عن أي انتهاك أو اشتباه في تعرّض أي طفل للخطر.
العقوبة المنتظرة للمتهمين في واقعة مدرسة سيدز الدولية
قال الخبير القانوني أحمد مغاوري، إن هذه الواقعة تمثل جريمة خطف بالتحيل والإكراه مقترنة بجناية مواقعة المخطوف وهتك عرضه، فضلًا عن جريمة تعريض أطفال لم يبلغ سنهم سبع سنين كاملة للخطر.
وأوضح مغاوري التكييف القانوني للواقعة وفقًا لما نص عليه المشرع المصري في قانون العقوبات:
1) هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد، مادة (268) عقوبات: "كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرعَ في ذلك يُعاقب بالسَّجنِ المُشدد. وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، أو كان مرتكب الجريمة أو أحد مرتكبيها من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه، أو كان خادماً بالأجر عنده أو عند من تقدم ذكرهم، تكون العقوبة السَّجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات، وإذا اجتمع هذان الظرفان معًا يُحكم بالسَّجنِ المؤبد".
2) تعريض طفل لم يبلغ سبع سنين للخطر، مادة (285) عقوبات: "كل من عرض للخطر طفلًا لم يبلغ سنه سبع سنين كاملة وتركه في محل خال من الآدميين أو حمل غيره على ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين".
3) الخطف بالتحيل أو الإكراه مصحوبًا بمواقعة المخطوف أو هتك عرضه، مادة (290) عقوبات: "كل من خطفَ بالتَّحَيُّلِ أو الإكراه شخصًا، يعاقب بالسَّجن المشددِ مدة لا تقل عن عشر سنين، فإذا كان الخطفُ مصحوبًا بطلب فدية تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة ولا تزيد على عشرين سنة. أما إذا كان المخطوف طفلاً أو أنثى، فتكون العقوبة السَّجنِ المؤبد.
ويحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام إذا اقترنت بها جناية مواقعة المخطوف أو هتك عرضه.
والنتيجة القانونية أن الواقعة المذكورة تُشكل جناية خطف مجموعة أطفال ممن لم يتجاوز أعمارهم سبع سنوات مقترنة بجناية مواقعة المخطوفين وهتك عرضهم وتعريضهم للخطر


